قال باسكال (إن من بلغ الأربعين ولم يكره البشر فهو لم يعرف البشر بعد)وقال توماس هوبز (الإنسان ذئب للإنسان)وأنا أقول إن من عاش في المخيم ولم يكره المخيم فهو لم يعرف المخيم بعدوان من عاش في غزة في زمن سلطة أوسلو ولم يكره البشر فهو لم يعرف البشر بعد.نعم لم يعرف البشر بعد، هذه حقيقة لاستطيع إنسان أي إنسان أن ينكرها ومن ينكرها فهو لم يعرف الإنسان بعد وخاصة الإنسان المفترس المحكوم بثقافة القتل المستوطنة في تصاميم اللاوعي الفلسطيني وقوانين القتال البينية الفصائلية والمليشياوية التي تتحكم بالذئب القابع وراء البدلات الأنيقة والشياكة المظهرية.ولذلك فإن كل محاولات الانروا في تحويل المخيم إلى أي شيء غير مخيم محاولات يائسة وبائسة وهي لن تكون أكثر من زراعة الورود فوق القبورلان المخيم سيبقى مخيم في الشكل والمضمون والمظهر والجوهر والحلم والحقيقة، أزقة وزواريب وغابة اسمنت واسبست وأمراض متوطنة وأوبئة مستوطنة ومكب نفايات ومخروط انصباب وتراكم لمخلفات المدينة وأكوام زبالة وحاويات زبالة وحفر ومستنقعات وعربات وحمير وبغال تثبت وجودها وتدلل على حقيقة هذا الوجود من خلال نشر مخلفاتها العضوية وروائحها النتنة التي تكفي لقتل أي إنسان من غير سكان المخيم الذين تعودوا عليها وتعايشوا معها في الأزقة والزواريب وأمام البيوت والمدارس والمساجد والأسواق، لذلك لا ادري كيف يفكر خبراء الانروا الذين خططوا وقرروا ونفذوا برنامج تعبيد أزقة وزواريب المخيم وما جدوى تعبيد زقاق أو زاروبة لا يزيد عرضها عن متر واحد ولا يزيد طولها عن ستة أمتار ولا تتسع لمرور أكثر من شخص واحد في اتجاه واحد لدرجة انه إذا تقابل شخصان عند طرفي احد الأزقة أو الزواريب لا بد لأحدهما أن ينتظر مرور الآخر حتى يستطيع أن يمر هو لأن عرض الزاروبة لا يسمح أن يمر الاثنين في اتجاهين متعاكسين في نفس الوقت وإذا حدث ذلك فسوف يلتقيان في منتصف الزروبة وجها لوجه مما يؤدي إلى نشوب خلاف لان كل واحد منهما يريد من الآخر أن يرجع حتى يمر هو، وبما أن الرجوع انسحاب لذلك تبدأ المعركة التي لا تقف عند حدود هذين الشخصين بل تمتد إلى العائلة والفصيل لان الموضوع أصبح يتعلق بشرف العائلة وشرف والفصيل ولا يغسل شرف العائلة والفصيل إلا النار والدم، ونفس الشيء يحدث مع السائقين عندما تتقابل سيارتان في زاروبة لا تسمح إلا بمرور سيارة واحدة، وقد علق احد ظرفاء المخيم على ذلك قائلا إن تعبيد الأزقة والزواريب قد الحق ضررا بيئيا في المخيم لأنه وبالإضافة إلى أنه كان اعتداء على الطبيعة فهو قد الحق ضرر آخر لان رمال المخيم كانت تمتص مياه المجاري التي أصبحت زواريب المخيم لا تستوعبها مما جعلها تفيض على بيوت المخيم، وقال انه يجب على مخاتير المخيم أن يطالبوا الانروا بطائرات مروحية حتى يستطيع سكان المخيم أن يخرجوا أمواتهم من بيوتهم لان أزقة المخيم وزواريبه لا تتسع لمرور نعوش الموتى.وعند هذا الحد وجدتني اسأل نفسيهل ذهبت بعيدا؟هل تجاوزت كل الخطوط الحمراء؟وفجأة وجدتني أجيب نفسي هل المخيم خط احمر؟هل الفقر والجهل والجوع والمرض والتخلف الاجتماعي والتخلف الحضاري والزبالة والبطالة خطوط حمراء لا يجب تجاوزها ولا يجوز تجاوزها؟هل القضية هي المخيم والفقر؟لماذا يحاول العالم أن يحصر القضية في ثنائية جغرافية واقتصادية ضيقة ... المخيم والفقر؟لماذا تحاول القيادة المتنفذة دائما أن تخلق لنا حدود وسدود وقيود وخطوط حمراء وهمية تزرعها في عقولنا؟هل لأن القيادة تدرك أن الأساس الحقيقي للوطنية هو وحدة الصراع الوطني ضد العدو ولذلك لا تريد هذه الوحدة لأنها تتناقض مع مصالحها الشخصية والفئوية الضيقة؟هل لأن القيادة تدرك أن علاقة الإنسان بنفسه يجب أن تكون أكثر وثوقا من علاقته بالعالم حتى يستطيع أن يعيش إزاء عصره لا في عصره ليرى ويسمع ويتأمل ما يدور من مؤامرات في هذا العالم ... عالم وحيد القرن؟هل لأن القيادة تدرك أن الفرق بين التخلف والتقدم هو الفرق بين الشخصانية والاجتماعية ولذلك هي لا تريد للشعب أن يخرج من دائرة الشخصانية وعبادة الذوات المشخصة إلى الدائرة الاجتماعية وتقديس المبادئ؟هل لأن القيادة تدرك دور الإعلام ولذلك تعمل على إقناع الناس بإتباع سلوك معين من خلال التأثير في عقولهم واحساسيهم وعواطفهم ومشاعرهم وأفعالهم باستخدام ألفاظ مؤثرة وشعارات رنانة ونشرها على مختلف وسائل الإعلام الجماهيرية من اجل التحكم في مواقف الناس؟أسئلة دارت في رأسي وعبرت أفق خيالي وطافت في وجداني وبدأت اشعر باليأس والإحباط والضياع والقهر والظلم وارتعاش في البدن ومرارة في الفم وضيق في التنفس وسرعة في ضربات القلب وارتخاء في الأعصاب والتمزق النفسي والاجتماعي، وبدون أن ادري لماذا ... خرجت ... ورغم انه كان لا بد من الخوض في مخاضات مياه الأمطار وسيول المجاري الملونة باللون الأحمر بسبب ذبائح أضحيات العيد، إلا إنني قررت السير وعند إحدى ألمخاضات وجدت بعض الناس يتجمعون ليعبروا إلى الزاروبة المقابلة على جسر الأمم المتحدة وهو احد الجسور الذي يطلق عليها الناس جسور الأمم المتحدة، وهي بنوك زرقاء تضعها الأنروا في فصل الشتاء ليعبر عليها الناس من زاروبة إلى أخرى، وقد علق احد الظرفاء على ذلك بسخرية لا تخلو من المرارة قائلا الزواريب مملوءة بالمياه وبيوت المخيم لا يوجد بها مياه ، وقال رجل آخر شكرا للإمطار وسيول المجاري فهي تفعل ما لا تفعل البلدية والأنروا لأنها تحمل أكياس الزبالة إلى خارج المخيم وأشار إلى أكياس الزبالة الطافية فوق سطح مياه الأمطار وسيول المجاري، وهنا تدخل رجل في العقد السابع من العمر وقد ظهرت على وجهه علامات الذكاء والشقاء وقال يعني لو أن السلطة واعية ومخلصة كان عملت على أن تستفيد من هذه الأمطار بحقنها في باطن الأرض أو إقامة خزانات لحفظ المياه وهكذا يزيد مخزون المياه الجوفية في باطن الأرض وتقل نسبة الملوحة ونسبة التلوث في المياه وتصبح صالحة ، ورد عليه شاب وقال له يا عمي الحاج ماذا تحقن وماذا تخزن ألا ترى أن لون المياه احمر، وقاطعته امرأة في متوسط العمر وقالت ... بس مش خط احمر، وقالت امرأة أخرى لا ليس خط احمر ولكنه احمر من دماء الأضاحي التي ذبحت في المدينة، وهنا قالت امرأة تحمل على كتفها طفل تبدوا على وجهه علامات مرض فقر الدم وسوء تغذية وقالت ياريت يكون في كل شهر عيد حتى تذبح المدينة وترسل لحمة للمخيم، وهنا ردت المرأة الأولى وقالت يا ستي ياريت بس يذبحوا في أعياد انطلاقات الفصائل وهيك بنصير نأكل لحمة طول السنة وكمان بنصير ما نسمع صوت الرصاص المزعج في الهواء، وهنا تدخل الرجل الكبير وقال والله أن ما ينفق في أعياد انطلاقات الفصائل من أموال على البوسترات والهمروجات الإعلامية والرصاص الذي يطلق في الهواء مش بس يكفينا نأكل لحمة طول السنة لكن يمكن يكون له دور كبير في حل مشاكل البطالة كمان، لكن يا عمي شو بدي أقول ... أي والله في قرار وطني أن يظل المخيم جوعان لأن بعض القيادات المتنفذة تعتقد أن الإنسان مثل الكلب إذا شبع ببطل ينفع للصيد، وهيك بدهم إحنا نظل نتحمل مخلفات المدينة طول العام والمدينة ترسل لنا لحمة في يوم واحد من كل عام .وعند هذا الحد من الحوار وصلت إلى الجسر وعبرت إلى الضفة الأخرى من نهر الأمطار والمجاري والدماء وتابعت سيري إلى أن وصلت إلى شاطئ البحر وجلست على رمال الشاطئ وأخذت اقرأ تاريخ وآثار النكبة المكتوبة على وجوه الناس وقد أذهلني المنظر من هول ما رأيت من أجساد هزيلة وعيون حائرة ووجوه صفراء وأطفال حفاة وأنصاف عراة ومرضى وجرحى ونظرت إلى البحر أشكو إليه همي ولكني وجدت البحر حزين لان مياهه فقدت لونها الأزرق الصافي الجميل بسبب ما يصب فيها من مياه الصرف الصحي والمجاري ودماء الأضاحي وبسبب الزوارق الإسرائيلية التي تدنسه وتنتهك عذريته، ووجهت بصري إلى السماء ولكنى وجدتها حزينة لأنها أيضا فقدت لونها الأزرق الصافي الجميل بسبب تصاعد دخان أكوام الزبالة المحترقة وبسبب دخان الصواريخ وقذائف المدافع الإسرائيلية التي تدنسها وتنتهك عذريتها، وقلت في نفسي كل هذه التعاسة لنا وأخذت استعرض شريط حياتي واكتشفت أن اليوم كالأمس وان الغد كاليوم وان بعد الغد كالغد وانه لا طعم لشيء ولا أمل في أي شيء، وفجأة خرج من البحر حمار كبير الرأس طويل الأذنين تبدوا على وجهه علامات الذكاء والحكمة ووقف أمامي وقال قال الحمار: لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياةقلت: من الهاتف الداعيقال الحمار: حمار من زمن الحكماء السبعةقلت: أهلا وسهلا ولكن لماذا لا يأتي لنا من خلق الله إلا الحميرقال الحمار: لأنكم تحتاجون إلى الحكمة ونحن نملك هذه الحكمةقلت: أي حكمة هذه التي يملكها الحمير ولا نملكها نحنقال الحمار: حكمة العقل والوجدانالعقل الذي يعتمد على العلم والمادة والمحسوس وكل ما يدخل في بوتقة المعاملوالوجدان الذي يملك القدرة على اختراق الميادين الذي يعجز القلب عن اختراقها أو الحكم فيهاقلت: فيلسوف حضرتكقال الحمار: نعم أنا حمار من زمن الحكماء السبعةقلت: ولكنك حمارقال الحمار: أنت حاورت الحمير قبل ذلك واعترفت أنهم هزموكقلت: نعم اعترفت والاعتراف بالحق فضيلةقال الحمار: إذن لماذا تنكر الحكمة على الحمير ونحن أبناء عم ولنا مثل ما لكم عقول وحواس وأفواه وأنوفوآذان وأيادي وأرجل ورؤوس وظهور وبطون ونأكل ونشرب ونحس وننام ونصحو قلت: إن الاشتراك في الاسم واللفظ لا يعني الاشتراك في الحقيقة إلا بين من يستوون في الحقيقةوالذات ... والبشر والحمير لا يستوون في الحقيقة والذاتقال الحمار: نعم قد لا نستوي في حالات وقد نستوي في حالات وقد يتفوق الحمير في حالاتقلت: وكيف يتفوق الحمير على البشرقال الحمار: نعم يتفوقون ولا يجوز لك أن تنكر فضل بعض الحمير على بعض من يلبسون الحريرقلت: ماذا تقول يا حمار الحكماء السبعةقال الحمار: نعم أنا اعني ما أقول ويجب أن تعرفوا الحقيقة وان تعترفوا بالحقيقةقلت: أي حقيقة ... حقيقة أن نأخذ الحكمة من أفواه الحميرقال الحمار: نعم ... أن تأخذوا الحكمة من أفواه الحمير ومن عقول الحمير ومن وجدان الحميرلأنكم وكما تدعون مؤمنون ... والحقيقة ضالة المؤمنولأنكم أيضا عاجزون عن الوصول إلى الحقيقة بدون مساعدة الحمير قلت: أي حقيقة ... حقيقة تفضيل بعض الحمير على بعض من يلبسون الحريرقال الحمار: يا أخي بلاش مكابرة كذابةهات لي شعب فعل بقضيته مثل ما فعل شعبكم بقضيتكموهات لي سلطة فعلت بشعبها مثل ما فعلت سلطتكم بشعبكموبلاش حساسية كذابة انتو مش أحسن من الحميرقلت: وما الدليل على ذلكقال الحمار: الحمار له عينان كالإنسانقلت: نعم الحمار والإنسان يستويان في الاسم واللفظ ولكن لا يستويان في الحقيقةقال الحمار: نعم لأن الحمار يتفوق على الإنسان في ذلكقلت: كيفقال الحمار: نحن معشر الحمير كرمنا الله برؤية الجن والشياطينقلت: هذا كلام لا أساس لهقال الحمار: لا تكفر واستغفر ربكقلت: أنت تكفرني إذن أنت تكفيريقال الحمار: لا لكن أنت الذي تكفر الحميرقلت: أنا مؤمن بالله وكتبه ورسله وملائكتهقال الحمار: إذن اسمع حديث رسول اللهقلت: وهل رسول الله له حديث في الحميرقال الحمار: نعم وقد قال صلى الله علية وسلمإذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكاوإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطاناقلت: صدق رسول اللهقال الحمار: ونحن معشر الحمير كرمنا الله بسماع أصوات المعذبين من أهل القبور ولذلك كان الفاطميونإذا حصل إمساك لدوابهم يذهبون بها إلى مقابرهم فتسهل حميرهم من شدة صياح أولئك المعذبينقلت: نعم قرأت عن ذلكقال الحمار: ونحن معشر الحمير كرمنا الله بالتفريق بين ما يصلح وما لا يصلح من الطعام ولذلك نحن لا نأكلشجرة التبغقلت: هذا شيء جميلقال الحمار: إذن لماذا لا تذمون الإنسان فيما يتشابه فيه مع الحمير من صفات جيدة وتذمونه فيما يتشابهفيه مع الحمير في صفات سيئةقلت: كيف ذلكقال الحمار: هل تعلم أن احد أعظم عظماء فلسطين لقب بالحمار لقوته وجلده وصبره في المعاركقلت: نعم وهذا هو الخليفة مروان بن محمد الملقب بمروان الحمارقال الحمار: وهل تعلم أن الحمار كان أول مهندس طرق في التاريخقلت: نعم قرأت عن ذلكقال الحمار: وهل تعلم انه كان للحمير دور طليعي في الثورة الفلسطينية وخاصة في المجال اللوجستيقلت: نعم اعلم واعترف والاعتراف سيد الأدلةقال الحمار: الآن وقد اعترفت اسمع رسالة الحكماء السبعةقلت : ما هي يا سيدي الحمارقال الحمار: قانون إتيكا وقد وضعه الحكماء السبعة في القرن السابع قبل الميلاد في أثينا بعد حرب أهلية بين الفقراء وطبقة الملاك ويتضمن حق الملكية المحدودة وحق الشعب في الإشراف على مؤسسات الدولة وحقالجماعة في تشكيل وحدة لها قوانينها الخاصة التي تحكمها وتخضع لقانون الدولة العامقلت: هذا شيء جميل ولكنك لم تخبرني من هم الحكماء السبعةقال الحمار: الحكماء السبعة همسولون ومحور فلسفته ... لا تكثر من شيءخيلون ومحور فلسفته ... اعرف نفسكطاليس ومحور فلسفته ... التأكد يجلب الخراببياس ومحور فلسفته ... كثرة العمال تفسد العملكليوبولوس ومحور فلسفته ... كل اعتدال محمودبيتاكوس ومحور فلسفته ... اعرف فرصتكبرياندر ومحور فلسفته ... التفكير المسبق في كل شيءقلت: هذا شيء جميل ولكن يوجد مثله في تراثنا الشعبي قال الحمار: لكن الأجمل أن تعملوا بهقلت: كيفقال الحمار: أن تدركوا أن لا مصلحة لفلسطيني على حساب فلسطينيوان تدركوا أن اليد الواحدة هي عون للأخرىوان تتفقوا كيف تتفقوا وان تتفقوا كيف تختلفواوان تعيدوا قراءة التاريخ قراءة نقدية وموضوعية وبعيدا عن أي قراءة مغرضة وانتقائيةوان تقفوا مع أنفسكم وقفة موضوعيةوان تعيدوا بناء علاقة جديدة مع الواقعقلت: كيف نفعل ذلك ونحن في صراع مستمر مع الذات ومع الآخرقال الحمار: الصراع ليس شرا أو هما يجب التخلص منه ولكنه ضرورة طبيعية وإنسانية للحفاظ على التوازن الطبيعي والنوع الإنساني ولكن شرط أن ينحصر في حدود معينة وان تنظمه القوانين والقواعد والعادات الاجتماعية والضوابط الأخلاقيةقلت: لكن لا تنسى يا سيدي الحمار أن الفرق بين النظرية والتطبيق هو كالفرق بين الحلم والواقعقال الحمار: نعم وهذا هو ما يحدث في غزة اليومقلت: ماذا تعنيقال الحمار: الازدواجية بين الفكر والسلوك وهذا يدل على فقدان التوازن والتعادل داخل الإنسان الفلسطيني وهو ما يؤدي إلى الصراع بين إنسانيته وحيوانيته الغرائزية المندفعة وراء الإشباع الغريزي ولذلك نراه حائرا ممزقا بقدر ما يتغنى بالمبادئ بقدر ما يتنكر لها سلوكياقلت: هل تعني الاقتتالقال الحمار: نعم الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني ومن اغرب الغرائب وأعجب العجائب أننا نسمع أمراء الحرب يعلنون في كل مناسبة وبلا مناسبة أن الحرب الأهلية خط احمر وان الدم الفلسطيني خط احمرقلت: ربما يقصدون الحرب الأهلية بالجملةقال الحمار: يعني الحرب الأهلية مسموحة بالمفرق وممنوعة بالجملةقلت: هذا هو الواقعقال الحمار: يجب أن تعرفوا أن الحرب الأهلية بالمفرق أو بالجملة هي حرب قذرة وان ما يجري في غزة اليوم هو شيء قذر ومقزز وحقير ويتحمل مسؤوليته الجميع وليس أمراء الحرب وحدهمقلت: الجميعقال الحمار: نعم الذين يخططون والذين ينفذون حتى الذين يموتونقلت: حتى الذين يموتون ... كيفقال الحمار: لأنهم حملوا السلاح واشتركوا في الاقتتالولأنهم لم يتظاهروا لوقف الاقتتالحتى لا يتحول هذا الاقتتال إلى ظاهرة وطنية تعملون على إخفائها وتستحون من إظهارهاوحتى لا يكون هذا الاقتتال سبب في إضافة معاناة فلسطينية تضاف إلى معاناة شعبكم من الاحتلال الصهيونيوحتى لا يكون هذا الاقتتال سبب في أن لا تخشى إسرائيل من أن تنتهي أساليبها في القمع والإرهاب دون إدانةوحتى لا يتحول هذا الاقتتال إلى لعبة دموية تبعث على المزيد من الأسى وتفتح شهية إسرائيل والقوى المعادية إلى المزيد من الاختراقات في الساحة الفلسطينيةقلت: أبوس القدم وأيدي الندم على غلطتي في حق الحمير واعترف أننا نحتاج أكثر ما نحتاج إلى عقول الحمير وحكمة الحمير ولكن ماذا عن الآخر يا سيدي الحمار الفيلسوفقال الحمار: أي آخر ... المتصل بكم أم المنفصل عنكمقلت: ما الفرققال الحمار: الآخر المتصل بكم هو الأنا والذات ولكن ليس بالمفهوم الفردي أو الشخصاني وإنما بالمفهوم العام أي الذات العامة والانا العام وهذا الآخر هو الآخر المقيم فيكم والخارج عليكم بنفس الوقت، ولذلك لا يمكنكم التقدم أو التراجع إلا به ومنه وفيه .أما الآخر المنفصل عنكم فهو الآخر غير الذات وغير الأنا ولذلك تكون طبيعة العلاقة معه طبيعة متغيرة ومتأثرة بحالة الذات الوطنيةقلت: حالة الذات الوطنية سيئةقال الحمار: الشعب الذي اعتاد على الفوضى والقتل لن يحقق الحريةالشعب الذي يقتل أطفاله لن يحقق الحريةالشعب الذي يكره الحق لن يحقق الحريةالشعب الذي يعوج كل مستقيم لن يحقق الحريةالشعب الذي يذل أفضل أبنائه لن يحقق الحريةالشعب الذي يحرق مؤسساته لن يحقق الحريةوهنا عاد الحمار إلى البحر وهو يقول إذا استمر حالكم على هذا الحال لن تحققوا الحرية ولكنكم ستسقطون أكثر وأكثر في هاوية العبودية
التوقيع :
منتديات شبكه شباب اون لاين
www.shonline.freeweb7.com/vbhttp://www.dorarr.ws/forum/uploaded/d14.gif منتديات شبكه شباب اون لاين
www.shonline.freeweb7.com/vb